alardha blog bannar

Collapse

إعلان

Collapse
لا يوجد إعلانات حتى الآن.

KJA_adsense_ad5

Collapse

المقامة الريائية

Collapse
X
 
  • فرز
  • الوقت
  • عرض
Clear All
new posts

  • المقامة الريائية

    المقامة الريائيّة
    أ. جبران بن سلمان سحاري
    المجلة الاكترونية لرابطة الأدب الإسلامي العالمية
    العدد (26)


    حدثنا عـمرو بنُ هشام الحميريُّ قال: مضيتُ مع الشيخ قنبس بن أبي العـنبس إلى مسجدِ أبي عـمرة، في البصرة، فلما حان وقتُ الصلاة، أمّنا الشيخُ في خشوعٍ وأناة، فلما قضيتِ الصلاة وقفَ يعـظُ الناس ويذكرهم، وبأمور الدين يبصرُهم، فأبان عن علمٍ غزير، وخير كثير، كان قدوة للطلاب، وأنساً للأحباب؛ فلم يروا منه إلا الأدب الجم، والخلق الأتم، فلما مضيتُ معه من المسجدِ إلى السوق، بدأ يصعـدُ سلمَ الفسوق، وبارزني بالعـقوق،
    - فقلتُ: ما شأنك يا قنبس؟
    - فقال: إنما فعـلتُ هذا لتتحمّس، ولأبلوَ صبرك وإنكارك، وأنظرَ علمَك وإكبارَك!
    - قلتُ: لا بأسَ فلا تفعـل هذا في الأسواق، فتشرئب إليك الأعناق.
    فلما مضينا من بين الناس، بدأ يخلعُ خيرَ لباس، وأظهرَ الحزمَ والباس، وسلكَ مسلك الإلباس، فتلوتُ: (ولباسُ التقوى ذلك خير)، فدعْ يا شيخُ ما يُعـقِبُ الضير، فلم يسمعْ مني حرفا، وأظهرَ صلفاً صِرفا، ورفعَ صوتَ الأغاني..
    - وقال: الأستاذ لا يراني، فلن يستطيعَ ذلي وهـواني. وأتبعَ نفسَه هواها وتمنى على الله الأماني.
    - فقلتُ: سحقاً لك وبعـداً يا شيخَ النار، وزاملة العار، تستخفي من الناس ولا تخافُ اللهَ وهـو يراك!؟
    - فقال: الله غـفورٌ رحيمٌ يعـلم سرك ونجواك، والتقوى هاهنا. وأشارَ إلى صدره، فباءَ بوزره، وساقَ حديثاً في غـير سبره، وقال:
    - الله يعلمُ أني نظيفُ القلب، لا أقصدُ مقارفة الذنب. فارتكبَ الصعـب، ولازمَ الكرب، ولم يعـلم أنه مع إبليس في حرب.
    فقلتُ: مثلك والله بئس القدوة، أراح الله الناس من شرك، وأبعدهم عن مكرك، أما تعلم إثم من يأمر بالمعروفِ ولا يأتيه، وينهى عن المنكر ويأتيه؟ أم أنك للشر تمليه، وشأن الشبهاتِ تعـليه؟ فأنا والله بريءٌ منك، يا صاحبَ الزلل والإفك.
    فقال: أنا أمزح فهل صدقتني؟ فما بالك بالخسران رميتني، وعن الخير أبعـدتني.
    قلتُ: ما أضاعَ بني الإسلام إلا أمثالك، وما انغـمسَ في الحضيضِ إلا قذالك، فكيفَ إذن مصيرُك ومآلك؟ لو كان من عـصى لم يلبس ثوبَ التدين، لقلنا: هذا بعـيدٌ عن التزين، فلا يغـتر به العـوام، ولا ينخدع به الأنام، لقد دخلتَ في حَيْصَ بَيْص، ومزجتَ اللحمَ بالخبيص، وبعـته بالثمن الرخيص، وإن أخوفَ ما خافه خاتم الأنبياء، هـو والله (الرياء)، وهـو علامة على فقدان الحياء، فاحذر الشركَ الأصغـر، واجعـل المظهرَ موافقاً للمخبر، والله يشهدُ أني أدّيتُ ما عليّ وأبرأتُ ساحتي، وأغلظتُ عليك في القول فأنتَ تعلمُ صراحتي، فاكفف اكفف، ففعـلَ وبالدمعِ توكّف.
    قلت: يا ابنَ هشام ما أكثرَ هذه الصور، التي سردتَ فيها الخبر! وهـذا قد ندم فهو على خير، ولكنّ بعـضَهم لا يزالُ في الشرِّ أسرعَ من الطير، وأنشطَ من (أبي خُضير)[1]، يتستـّرُ بلباس الصالحات، ويزعمُ أنه يجمعُ الحسنات، وهـو إن شمّ طيباً مات .

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    [1] ـ أبو خضير: دويبة صغـيرة خضراء اللون تـنشط في إفساد الزروع والثمار .

  • #2
    سبق نشرها في بعض الصحف الاكترونية
    http://www.faifaonline.net/faifa/articles-action-show-id-2334.htm

    التعليق

    KJA_adsense_ad6

    Collapse
    جاري التنفيذ...
    X