العلاج بالوهم أو ما يعرف بـ البلاسيبو Placebo هو دواء يهدف إلى خداع المريض إذ لا يحتوي إلا على عناصر خاملة وغير فعالة ولذلك فأن أي يعتبر أي تغيير يحدث في حالة المريض عائد إلى عوامل نفسية فقط مثل الإيحاء أو المحاكاة أو الجذب ، وتندرج أيضاً العمليات الجراحية الوهمية والمعالجات الطبية الغير حقيقية ضمن البلاسيبو.
وتعني كلمة بلاسيبو Placebo اللاتينية الأصل I shall please أو " سأتحسن " ، وأن المرضى الذين حصلوا على علاج البلاسيبو قد تحسنوا بشكل أفضل مما كان يتوقع بعيد عن العلاجات الكيميائية وهي ظاهرة يطلق علية " تأثير الدواء الوهمي" .
جرى استخدام البلاسيبو على نطاق واسع في البحوث الطبية والدوائية ، وتأثي العلاج الوهمي هي ظاهرة متفشية حيث يتم إعطاء علاجات للسيطرة على المرض ولكنه يعتمد على الخداع ففي أكثر الأمراض النفسية مثل الاكتئاب يصرف للمريض دواء وهمي ولكن له تأثير ايجابي على المريض ، وقد يستغرب المريض لوعلم أنه شفي من غير أي دواء فعال .
نشأت فكرة العلاج الوهمي مع (هنري بتشر) في عام 1995 وهو الطبيب الرائد في التخدير حيث بدأ بسلسلة من الدراسات الرامية إلى فهم الكيفية التي يمكن أن يكون لها دورفي تحسين الصحة من خلال استخدام مادة غير فعاة دوائياً.
واعتبر (هنري بتشر) أنه سيكون لهذه الظاهرة تأثيرات هامة سريرياً وأن كثير من الحالات المرضية تم شفاؤها من المرض بنسبة 35% ولسوء الحظ فإن العديد من الدراسات لم تكن ذات جودة عالية للغاية مما وجه ضربة لها ولاسيما عندما واجه هذا العلاج موجة من الانتقادات (انظر رأي المتشككين) .
و في عام 2011 توصلت دراسة ضمن برنامج مهتم بتأثيرالبلاسيبو في جامعة هارفارد الأمريكية إلى استنتاج مفاده أن الوهم يلعب دوراً في العمليات الكيميائية في المخ كما سيأتي .
يعد جسم الإنسان معجزة بحد ذاته ، فالجسم يقوم بإفراز بعض العناصر الكيميائية لعلاج المرض بمقدار معين، وهو ما يعرف بمصطلح " الصيدلية الداخلية "، وهي إحدى القوى الجسمية المتأصلة للعلاج، بمعنى أنها موجودة كجزء أساسي من أجزاء الجسم .
ويعتقد في العلاج التلقائي أن الجسم يتجه لشفاء نفسه دون الاعتماد على أي رسائل داخلية أو خارجية لاستثارة هذا العلاج.
يمكن أن يكون البلاسيبو حبوباً من السكر أوحبوباً من الكربوهيدرات المعقدة، ويمكن أن يكون البلاسيبو أيضاً عمليات جراحية " كاذبة " أو علاجات نفسية " كاذبة " .
يعمل البلاسيبوعلى تعزيز إفرازهرمون الاندروفين الذي تفرزه الغدة النخامية تلقائياً ويطلق عليه الشفاء الذاتي ، وهو يعد من أهم مسكنات الألم التي تفرز طبيعياً من جسم الإنسان بالطريقة نفسها التي تعمل بها بعض الأدوية المسكنة للألم كالمخدرات لكنه أحياناً يكون بطيئاً في إفراز هذه المادة، وفي هذه الحالة يكون في حاجة إلى مساعدة خارجية لحث " صيدلية الجسم " على العمل بكفاءة أكثر، وكذلك الاستجابة لعلاج " البلاسيبو"، فهي تحتاج إلى مساعدة خارجية تتمثل في بعض العقاقير الإيحائية، أو رسالة موجهة إليه يتم توجيهها للمخ إما عن طريق المريض نفسه وإما من الشخصية المعالجة له.
وهذه الرسالة تعمل على حث المخ ودعمه ويحدث الشفاء السريع عن طريق ربط العلاج الخارجي بنتائج عمل الصيدلة الداخلية، .
لكن هل يمكن للعقل شفاء الجسم إذا امتلأ بروح الأمل والتفاؤل !؟
أن الاتجاه العام في الطب أو في أي نظام علاجي يعتمد إلى حد كبير على مهارة وقوة المعالج مع إهماله القوة العلاجية للمريض وهو الاتجاه الذي يحاول الطب البديل تبنيه هذه الأيام مما زاد من شعبيته العلاج التقليدي .
وقد استند (كيرنز) وزملاؤه من كلية كونيتيكت الطبية الأمريكية إلى دراسة استغرقت 3 أشهر، شملت من يعانون الم في أسفل الظهر، وأثبتوا خلالها أن النفسي العلاج المعتمد على تقنيات سلوكية وإدراكية بتنظيم العمليات الفيزيولوجية والاسترخاء والمشاورات النفسية يخفف من حدة الألم إلى درجة كبيرة.
البلاسيبو والمرض النفسي
يعتقد البعض أن تأثير الدواء الوهمي هو سيكولوجية بحتة حيث يعكف مستشارو الطب النفسي على تطوير وسائل جديدة في مجال الأمراض النفسية والعقلية بعيداً عن اقتصار العلاج على الكيماويات فقط ، وخلال تلك الأبحاث توصل العلماء إلى نتيجة مذهلة تتلخص في قدرة العقل على شفاء نفسه .
هل للعقل طاقة خفية تصنع المعجزات ؟!
لقد اكتشف أطباء علم النفس أنهم يستطيعون تحقيق الشفاء لمرضى الاكتئاب النفسي باستخدام الأدوية الوهمية.
وبينت دراسة أمريكية أن الأدوية الوهمية التي تعطى لمريض الاكتئاب تؤثر بالفعل في إحداث تغييرات في نشاط المخ لدى المريض، رغم أن هذه الأدوية قد لا تخرج عن كونها قطعة من السكر مغلفة على شكل حبة دواء.
وفي دراسة أخرى أجريت على 51 مريضاً يعانون من الاكتئاب الحاد حدث رد فعل إيجابي لنصف المرضى الذين تناولوا أدوية وهمية، وحدث رد الفعل نفسه لدى نصف العينة من المرضى الذين تناولوا أدوية حقيقية.
وقد قال (إيرفينغ كيرش) وهو طبيب نفساني في جامعة كونيتيكت : " اعتقد بأن يمكن أن تعزى فعالية دواء (بروزاك) وعقاقير أخرى مماثلة تماما لتأثيرالدواء الوهمي ".
ويشير تأثير الدواء إلى أهمية إدراك دور الدماغ في الصحة البدنية ومع ذلك فان استخدام مهدئات كعلاج في الطب السريري يطرح إشكالية أخلاقية لأنه مبني على خداع وتضليل المريض من قبل الطبيب.
وكان (سابيرشتاين) قد قام بدراسات بين عامي 1972و1995م على 39 من مرضى الاكتئاب الذين تعاملوا مع المخدرات فوجد أن 50 % من تأثير المخدرات ويرجع ذلك إلى " استجابة وهمية ".
وذكرت اللجنة البرلمانية للمملكة المتحدة للعلوم والتكنولوجيا أن وصف المهدئات للمريض يعتمد عادة على درجة من خداع المريض وأن وصف الدواء وبعض المهدئات له أثار سيئة لا يمكن الاعتماد عليها أو التنبؤ بها ولا يمكن أن تشكل الأساس الوحيد من أي معاملة في دائرة الصحة الوطنية.
ويقول (جان مارتن) عالم الأعصاب الفرنسي أن العقل اللاوعي يعمل بآلية تقبل كل شيء فهو لا يدرك في إذا ما كان يحدث حقيقي أم لا ، فهو يقوم بتنفيذ الأوامر دون أن يتأكد من صحتها بل هو أيضا يصنع الأوهام بعكس العقل الواعي الذي يترجم و يطابق ما يحدث.
ويفسر العلماء ذلك بقولهم إنه يكفي للمريض الإحساس بأنه يتناول دواءً فعالاً جنباً إلى جنب مع الإيحاء ليأتي بالنتيجة الجيدة ، حتى يثير ذلك لديه رد فعل إيجابياً.
كما أن قناعة الطبيب بالعلاج وإيمان المريض بالطبيب يعملان معاً لتعزيز الأثر ويكون العلاج شبه مؤكد بحصول التحسن وأحياناً الشفاء.
قد يكون الشخص معتقدات و آمال حول العلاج ، ولها تأثير كبير بالبيوكيميائية وكما هو معروف تؤثر الأفكار على الكيمياء العصبية.
هل الإيمان والثقة يكفي في علاج المريض؟ وهل للوهم طاقة مؤثرة ؟
يظهر التصوير الوظيفي للوعي الوهمي بشكل روابط مستمرة وبينها ارتباط وظيفي في عملية التنشيط الموجودة في القشرة الحزامية الأمامية و قشرة الفص الجبهي والقشرة الأمامية المدارية والقشرة الانعزالية وجذع الدماغ والحبل الشوكي .
وهذه الروابط تعمل في مراحل من التغيرات في الدماغ لمعالجة المعلومات، وتقوم بالحفاظ على تعزيز الاستجابة بغض النظرعن هذا المعزز سوا كان معزز وهمي أو حقيقي .
أن ارتفاع مستوى الإدراك له وظائف مختلفة في أعلى الدماغ حيث أن الفص الأمامي يقوم بالتذكير الوهمي والحفاظ على وجودها المعرفي في حلقة مفرغة من التعزيز الذاتي وهذا الوهم الدوائي يقوم بزيادة نشاط إفراز الدوبامين والأفونية وهذا التنشيط هي مهدئات لتسكين التغييرات ومعالجة انخفاض الدماغ عن طريق تعزيز تثبيط التنازل , وعلى العكس الاستجابات المضادة للمسكن تقوم بتعطيل الجزء من الدماغ من الدوبامين والأفونية وتمنع الإفراج عنهم .
التعليق