سأحاول من خلال أرضيتي المعرفية المتواضعة أن أجيب على هذا السؤال
من خلال تسليط الضوء على علاقات الإنسان مع الطبيعة ومع الأشياء من حوله
لذلك .. لنعد للبدايات
الإنسان يعيش على هذه الأرض .. يولد عليها .. يأكل ويشرب وينام ويموت عليها .. ويدفن فيها .. فيرتبط الانسان حسياً على الأرض بعالم المكان مسرحاً للعيش والحياة
فالمكان هو المحل الذي لا يكون للإنسان وجود إلا وهو فيه .
إضاءة ( الكينونة / بمعنى وجود الإنسان وجودا حسيا )
الإنسان يخضع لتعاقب الليل والنهار وفق نظام جري الشمس والقمر فيرتبط الانسان حسياً باختلاف الليل والنهار بعالم الزمان مقياسا لمدة العيش والحياة
فالزمان هو سريان الليل والنهار الذي لا يكون للإنسان وجود إلا وهو معهما .
إضاءة ( السيرورة / حركة الزمن )
وفق معادلة الزمان والمكان يعيش الانسان بمفرده ومع غيره من الناس
في تنظيم شؤون الحياة في قرية أومدينة في وطن يجمعهم وهو المكان الذي تحدث عليه أعمالهم
وساعة ويوم وشهر وسنة .. هو الزمان الذي تجري فيه أعمالهم
إضاءة ( الصيرورة / التطور )
معادلة الزمان والمكان ملازمة لحياة الانسان ولهما تأثير في ثقافته ومعرفته من حيث /
// تحديد المكان المعرفي وهو بالنسبة للإنسان مركزه الأرض
// وتحديد الزمان المعرفي وهو بالنسبة للإنسان يبدأ من الزمن الذي وصلنا منه أول بيان معرفي حتى يومنا هذا .
والانسان لا يدرك إلا معارفه الحسية والعقلية والكلامية
فالمعرفة الحسية /
هي المعرفة المقترنة بالمحسوسات والأعضاء الحسية في الجسم
فلا بد من وجود الإنسان والشيء المادي الذي تقع عليه إحدى الحواس الخمس حتى تحصل المعرفة الحسية
فالعين تنظر إلى الوجود الخارجي الذي هو الطبيعه .. والأذن تستقبل الأصوات المرسلة .. وهكذا الحواس الأخرى من لمس وذوق وشم كلها تمرر معارف حسية خارجية وكل حاسة بحسب اختصاصها
والمعرفة العقلية /
هي معرفة للمعاني والتي تتكون من قوانين الطبيعة الواسعة .. فهي تصور للمعاني العقلية التي نتعلمها ذاتيا أو من قبل الغير .
والمعرفة الكلامية /
وهي ما تميزه عن بقية البهائم وذلك .. بالربط الذهني بين الشيء وصورته من خلال صيغة لغوية
فلا يمكن أن يكون هناك تفكير إنساني بدون نمط لغوي .
ولا يفوتني أن أستشهد بهذه الآية الواضحة الدلالة فيما نقول
النحل - 78
(وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
من خلال ما سبق نلاحظ كيف أن الانسان هو المخلوق الوحيد الذي يورث كلمات مدونة ويورث لغة إنسانية ويورث كتبا معقولة
أي أنه يورث بنية المعاني التي بناها طوال حياته .. أي أنه يورث عقله
فهذه ميزة لا توجد إلا عند الإنسان فقط من بين كل المخلوقات التي نعرفها .
من هنا نصل إلى أن كل جيل يرث ويكتسب عن الجيل الذي سبقه لسانه أو عقله الكلامي في فترات العيش المشترك
والتي ينمو فيها الأبناء أطفالاً ثم غلماناً ثم فتياناً فرجالاً وشيوخاً .
يبدل فيها الإنسان أدواره من مرحلة الحفيد إلى الابن إلى الأب إلى الجد على مر الأيام والأعوام والعقود والعصور
يتكلمون بلسان واحد
يتوارثون بها العقول .. كلاما لسانيا مباشرا .. وهذه الوراثه العقليه المباشرة أداتها الألسن
والوراثة العقلية غير المباشرة أن تورث عقول السابقين
عن طريق ما كتبوه ودونوه في موجوداتهم وأوراقهم
هذه الوراثه غير المباشره هي وراثة كتب ومخطوطات ومدونات ورقية وجلدية وحجرية ونباتية وغيرهااا
والمكتوب عليها هو كلامهم أو بنية ألفاظهم العقلية .. وهي عقولهم المدونة
فالعقول لا تورث إلا بالكلام .
بالنسبة للثقافة فلها مفهوم واسع وفضفاض
فالثقافة كمفهوم يمكن تعريفها بأنها محصله للمعارف والمعتقدات والأخلاق والتقاليد وكل الفعاليات والتطبيقات الأخرى التي يكتسبها الإنسان كعضو في مجتمع ما
وأنا أرى أن أي مجتمع يتكون من عنصرين رئيسيين ..
الثقافة .. والأنظمة التي تدير أعمال وسلوكيات مواطنيها اليومية
والعلاقة بين الثقافة وهذه الأنظمة علاقة مهمة جدا ومؤثرة بشكل متبادل ومتداخل ..
تأملوا الأنظمة التي تدير حياتنا وستعرفون حقيقة ثقافتنا ..
عموما للثقافة معاني كثيرة لكن أهم معنى وأبسطه في نظري ..
أنها نوعية العقليات والقيم المشتركة في المجتمع الذي نعيش فيه ..
الخلاصة /
الثقافة ~ مجموعة معارف تكوّن الفهم العلمي وهو الفهم الكلي للأشياء حسياً وعقلياً وبيانياً (كلامياً) .
مع الأخذ بالاعتبار اختلاف المكان وهو يعني اختلاف الأشياء المستعملة من بيئة إلى أخرى
واختلاف الزمان ويعني اختلاف كيفية استعمال هذه الأشياء في حياة الناس
من كل ذلك ندرك أن الإنسان مخلوق متميز عن غيره من المخلوقات
كانت هذه إضاءة لمراحل الإنسان الثقافية المعرفية
أتمنى أن لا يكون اختصاري مخلا
كلي أمل في التواصل والتفاعل المعرفي بيننا
والذي يتناغم مع الانفتاح على الآخر ويناقض الانفلاق على الذات
تقبلوا تحياتي الأخوية
التعليق