alardha blog bannar

Collapse

إعلان

Collapse
لا يوجد إعلانات حتى الآن.

KJA_adsense_ad5

Collapse

" أوراق من حياتي " كل يوم حلقة ..

Collapse
X
 
  • فرز
  • الوقت
  • عرض
Clear All
new posts

  • " أوراق من حياتي " كل يوم حلقة ..

    أوراق من حياتي .. كل يوم حلقة





    ( 1 )

    أوراق ميلادي تحكي أنني من مواليد عاشوراء 1395 هجرية وهذا العام هو الذي توفي فيه الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله مقتولا في منزله في الرياض وهو العام الذي أمسك فيه الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله مقاليد الحكم خلفا لأخيه الملك فيصل . وهو عام مشهود لا يمكن لذاكرة الوطن نسيانه مطلقا ..
    أما قصة مصادفة ميلادي ليوم عاشوراء فقد كانت محل استغرابٍ لديّ زمنا طويلا حتى أوضحت لي والدتي ـ حفظها الله وأطال في عمرها ـ أنّ تاريخ ميلادي بالتأكيد غير دقيق وإنما هو اجتهاد من الوالد ـ أطال الله في عمره وشفاه وعفاه مما ألمّ به ـ وموظفي الأحوال المدنية وهي لا تعرف بالضبط تاريخ ميلادي رغم أني مولودها الأول فهي كما تقول لم تكن تعرف تاريخاً ولا تفرّق بين شهرٍ وآخر غير علمها بشهر رمضان وشهر ذي الحجة لترافق المناسبتين الدينيتين بهما ومن المعلوم أن معظم أقراني في المنطقة وكل من سبقني بالولادة مؤرخ تاريخ ميلادهم بيوم
    1 رجب في تشابه غريب قلّ أن يكون في مكان آخر من العالم وهنا موطن تعجبي !!
    لماذا لم يجتهد والدي وموظف الأحوال المدنية ويتم تسجيل تاريخ ولادتي كما هو معتاد في
    1 / 7 ؟
    ولا زلت حتى هذه اللحظة أبحث عن إجابة ولم أجدها .
    والوالدة أميّة عكس والدي الذي يقرأ القرآن الكريم جيداَ فقد تعلّمه في الكتاتيب وهو رفيق وصديق دائم للراديو منذ عرفت الدنيا وعن طريقه يحيط ويعرف بما يحدث حوله في الوطن وخارج حدود الوطن ولم يستبدله بأي وسيلة أخرى مطلقا وقد جاوز الثمانين في الوقت الذي كان من المستحيل في المحيط الذي ولدّت فيه وفي تلك الفترة ( من عام 1390 هـ إلى عام 1400 هـ ) وقبل ذاك التاريخ أن تجد سيدة متعلمة بتاتا .. / أتحدث عن المحيط الذي ولدت فيه ..
    أما مكان ولادتي فهو قرية ( الشابطة ) التي تقع جنوب مدينة أبو عريش في منطقة جازان جنوب المملكة العربية السعودية ويفصل بين القرية ومدينة أبو عريش قرية ( السادلية ) وتبعد عن المدينة بحوالي 8 كيلومتر وهي إدارياَ تابعة لمحافظة أبوعريش وكانت القرية ساعة ولادتي عبارة عن مجموعة من العشش والبيوت الجازانية الشعبية المعروفة التي لا يتجاوز عددها أصابع اليدين .. وكل سكانها من الجنسين يعملون بحراثة الأراضي ورعي الأغنام والأبقار والتجارة فيها في وقت كانت النساء فيه يخالطن الرجال ولا يحتجبن منهم ويسيرون حياتهم معا دون فواصل ..



  • #2
    ( 2 )



    رغم حالة الفقر الشديدة التي كانت تعيشها القرية والقرى المحيطة بها إلا أن حال والدي كان ميسوراً مقارنة بغيره فقد كان يعمل سبعة أيامٍ في الأسبوع في شراء وبيع الأغنام حيث كان يبدأ يومه بعد صلاة الفجر مباشرة وأحيانا قبل الصلاة في تحميل أغنامه في سيارته ـ كانت هايلوكس غمارة دائماً ـ وقصد الأسواق الشعبية المشهورة في المنطقة على مدار الأسبوع فقد كان يقصد سوق " الربوع " أو " أمصميل " في أبو عريش كل أربعاء , ويقصد سوق العارضة كل خميس , وسوق المشوّف كل جمعة وسوق بيش كل سبت , وسوق أحد المسارحة كل أحد , وسوق صامطة كل اثنين , وسوق صبيا كل ثلاثاء , ونادراَ ما كنت أراه يجلس للراحة في الفترة بين صلاة الفجر وصلاة الظهر .
    لا أريد أن أتجاوز المراحل لكن قد تكون بعض القفزات بين مرحلة وأخرى ضرورية ....
    أذكر في طفولتي خلال الخمس سنوات الأولى من حياتي طيف جدّي ( والد أمي ) ـ رحمه الله ـ الذي كان يزورنا كثيراَ رغم بُعد المكان الذي يسكنه ( قرية من قرى الخشل شرق جازان ) حيث كان يأتينا على حماره ـ حمول بين الحمار والحصان ـ محملا بالحلويات والعصائر المتنوعة ويبقى لأيام وليالي بيننا يسعدنا فيه بلعبه معنا وظرف حديثه وحكاياته ثم يغيب لأيام وأسابيع طويلة ثم يعود من جديد وغالب زياراته يكون وصوله فيها في الليل ..
    صورة وجهه غائبة بالكامل عن ذاكرتي ـ تقول والدتي أنني أشبهه كثيرا في الشكل ـ لكن اللحظات التي أسعدنا فيها أنا وإخوتي باقية ما بقيت حياً .

    التعليق


    • #3
      ( 3 )



      قبل سن الخامسة لا أذكر أحداثاً كثيرةً لكنني أستطيع نقل ما عرفته عن حياتي في تلك الفترة من خلال كلام والدتي ـ حفظها الله ـ وكانت أقرب لي من والدي , وما تسعفني به ذاكرتي في تلك السن الصغيرة :
      تقول الوالدة أنني كنت في السنة الأولى من حياتي أموت كل يوم مع غروب الشمس ـ هكذا كانت تنطقها ـ ويبدو والله أعلم أنه كان يُغمى عليّ مع غروب الشمس لسببٍ لم أتوصّل له حتى هذه اللحظة ويتم إفاقتي برش الماء ودهن الجسم بالزيوت ومجموعة من الطرق الشعبية المستعملة في ذلك الوقت .
      تقول أمي أن هذه الحالة استمرت كثيراً وكانت تضع يدها على قلبها كل ليلة خوفا من فقدان بكرها للأبد لكن الله سلم وهأنذا أحكي وأتنفس ـ ولله الحمد من قبل ومن بعد ـ .
      منتصف السنة الثانية من عمري بدأ وضعي الصحي بالتحسُّن ـ حسب قولها ـ وأكملت حياتي حتى الآن ولله الحمد صحيحاً معافا وهذه نعمة أحمد ربي عليها دائماً وأسأله دوامها ما دمت حيّاً .
      نسيت أن أقول أن ولادتي كانت في البيت على يد داية القرية ( أم محمد ) ـ رحمها الله ـ التي قامت تقريباً بدور طبيبة الولادة لعقود طويلة في القرية وكان مكان ولادتي بيتنا الذي كان عبارة عن بيت واحد فقط وهو بيت جازان الشعبي المعروف الخاص بنا وكان جدار حوشنا الكبير عبارة عن ( زرب ) وهو عبارة عن شوك من شجر السلام لا يحجب شيئا خلفه وعلى حد علمي يوضع لمنع الحيوانات من الدخول فقط , حيث كانت الفواصل بين البيوت في تلك الفترة غير موجودة .
      أما دورة المياه فلم تكن موجودة مطلقا في فترة ما حيث يلجأ الرجال لفضاءٍ جنوب القرية ويلجأ النساء لفضاءٍ آخر شمال القرية والأطفال دون الخمس سنوات تعتبر زوايا الحوش دورات مياه بالنسبة لهم وهم غالبا يمشون بدون سراويل مطلقاَ حتى لا يوسخونها .
      ويتم توليد كل سيدات القرية واقفات متعلقات بالسقاطي ( ثلاجة ذاك الوقت حيث يستخدم لحفظ الفواكه والخضروات واللحوم ) وأنا شاهد عيان على هذا الكلام في ولادة إخواني بعدي
      ولا أعرف سر الولادة وقوفاً حتى الآن .
      وكل سكان القرية يعملون في تربية وبيع المواشي فقط ولا غير .

      التعليق


      • #4
        ( 4 )



        سأقفز مباشرة للسنة السادسة من حياتي .... لأنني لا أتذكر كل شيء قبل هذا التاريخ .
        عرفت أن والدي ينوي دخولي المدرسة وكانت بالنسبة لي " مجهولاَ " وفي نفس الوقت حدثاً عادياً لم أكن سعيداً به ولا خائفاً أو وجلاً منه ..
        أعتقد أن أول ما أذكره في حياتي ـ يعني بدأت الذاكرة تعمل لدي بشكل كامل بداية من هذا الحدث ـ هو اليوم الذي اصطحبني فيه والدي لالتقاط صور شمسية للتسجيل في المدرسة , أذكر أنه أخذني معه في سيارته ( هايلكس غمارة بدون مكيف ) وكان من القلائل الذين يملكون سيارة خاصة في القرية , أخذني لمدينة أبوعريش وكانت تلك من المرات القلائل التي أزور فيها المدينة معه , وقصدنا محل التصوير الوحيد في المدينة في ذلك الوقت ( 1401هجرية ) وأظن أن صاحبه كان اسمه أحمد خميس إن لم تخني الذاكرة ومكانه حتى الآن موجود غرب الجامع الأوسط في أبو عريش ..
        أذكر أنني دخلت ووضعني أحمد خميس ـ رحمه الله ـ أمام الكاميرا للتصوير وسط متابعة باسمة من مجموعة من الموجودين لم يتركوا لي مجالا إلا للضحك والابتسام طوال الوقت حيث أثار ذلك غضب والدي والمصور حتى تم إنهاء الأمر بصور باسمة .. والسلام .
        والصورة هي المرافقة للحلقة هنا وهي أول صورة تسجل لي ..
        أما اليوم الدراسي الأول فهو باقي في ذاكرتي بتفاصيله الدقيقة ..
        أذكر أنني دخلت برفقة أخي من أبي ( يكبرني بثنتا عشرة سنة تقريباً ) وتفاجأت بمنظر غريب ومفزع بالنسبة لي / مجموعة كبيرة من الأولاد بأعمار مختلفة يقفون صفوفاً ويعملون حركات غريبة بأيديهم وأرجلهم تلبية لصوت قادم من الأمام / أوقفني أخي وسط أحد الصفوف وذهب بعيداً للاصطفاف ( كان معيدا بالصف الخامس ) اقترب مني رجل كبير يلبس شماغاً وعقالاً وطالبني بابتسامة مصطنعة أن أقلّد أقراني في الحركات , رضخت لطلبه لكنني تلخبطّت وفشلت في تقليد حركاتهم السريعة فانفجرت باكياً وأخرجني فراش المدرسة العم جبريل ـ أطال الله في عمره ـ وأدخلني فصلي الذي سأبدأ فيه حياةً جديدةً محاولاً تهدئتي وتطييب خاطري وبطني بـوجبة " التغذية " .

        التعليق


        • #5
          متابع بإستمتاع بوجود هذا السرد القصصي الدقيق والمفصل.
          عذرا لمقاطعتك..

          التعليق


          • #6
            ( 5 )



            زالت الغربة والوحشة سريعاً فقد بدأت يومي الثاني في المدرسة بصورةٍ عادية بعد أن حاولت في الطابور تقليد من يقف أمامنا ( مدرس الرياضة ) وليس تقليد أقراني من التلاميذ الذين كانوا سبباً في التشويش الذي حصل في اليوم الأول ثم سمعتهم يرددون النشيد الوطني ثم رددت معهم :
            تحيا المملكة العربية السعودية
            تحيا المملكة العربية السعودية

            يعيش الملك خالد بن عبدالعزيز
            يعيش الملك خالد بن عبدالعزيز

            وكنت حينها لا أفهم ولا أعي معنى ما يرددون ولا أعرف المقصود بـ المملكة العربية السعودية
            ولا الملك خالد بن عبد العزيز , وكانت تصلنا على ما أذكر وجبات مجانية جاهزة بشكل يومي عليها شعار وزارة المعارف كانت تسمى " التغذية " تسد حاجة الجميع وتعفُّ من لا يملك مالاً ـ وهم كثر ـ عن ذلِّ السؤال وإراقة ماء وجهه , وكانت تصلنا كل فصل دراسي شاحنةٌ كبيرةٌ محملةٌ بأزياءٍ رياضيةٍ بكل المقاسات بلونين فقط هما الأزرق والأبيض أو الأخضر والأبيض وجزم رياضية يتم توزيعها على كل تلاميذ المدرسة ويُخزّن كذلك منها في مستودع المدرسة ما يكفي لمن يغيب عن الحضور في نفس اليوم وربما أخذ التلميذ لإخوانه ممن لا يدرس أو حتى لوالده وأقربائه في كثير من الأحيان تصل في البعض الخفي للبنات في المنازل .
            كنت من الميسور حالهم إلى حدٍ ما في المدرسة نظراً لأنّ والدي كان رجل أعمال بمقاييس تلك الفترة ( يبيع ويشتري في الأغنام ) بالنسبة لغيري في القرية أو القرى المحيطة التي يدرس أبناؤها في المدرسة وكنت أحمل قروشاً كل يوم ( كانت المشتروات بقرش وقرشين وخمسة وخمسةٍ وعشرين أما الريال فأظنّ أنه كان يعادل المائة ريال في الوقت الحالي ) في الوقت الذي كان كثيرٌ من التلاميذ لا يحملون مالاً مطلقاً .
            ومن المناظر المضحكة ـ حالياً ـ العادية ـ في ذلك الوقت ـ التي لا أنساها أن عدداً من تلاميذ الصف الأول والثاني وربما في صفوف أعلى كان يداوم للمدرسة بثوب فقط دون أن يكون تحته أي ملابس داخلية مع العلم أن تلك الأثواب كانت تستر ما وراءها وليس مثل ثياب هذا الوقت .

            التعليق


            • #7
              ( 6 )



              بدأت حياتي المدرسية " إن صح التعبير " في زمن لم يكن فيه / حولي / ملهيات من أي نوع كان كما هو حاصل في الزمن الحالي فالتلفزيون لم نكن نعرفه وبالتأكيد كان غير موجوداً في القرية وقس على ذلك كل ما يتم إيصاله أو عرضه عن طريق التلفزيون من بلايستيشن وألعاب وفيديو ومشغل سيديهات وجوالات وآيفون وأيبود وآيباد ...... الخ , ـ أتحدث عن الفترة حتى 1404 هجرية تقريبا ـ وكانت الوسيلة الوحيدة التي تربط المجتمع المحدود الذي أعيش فيه بالخارج ( خارج القرية وخارج المنطقة وخارج البلد ) هو الراديو فقط الذي كان لا يمثّل أي جذب لنا كأطفال في تلك الفترة , وأصلاً لم تكن الكهرباء موجودة في قريتنا والمدرسة التي كنت طالبا فيها , وقياسا على ذلك فقد كنت كما هو حال كل أقراني متفرغا بالكامل لدروسي مذاكرةً وفهماً واستيعاباً وكان عقلي كذلك خامةً نظيفةً من أي شوائبٍ كما هو حال كل أقراني في ذلك الوقت .
              نتيجة لكل تلك العوامل كنت تلميذاً مجتهداً ـ نوعاً ما ـ من السبعة الأوائل خلال المرحلة الابتدائية
              الثالث في الصف الأول
              الثاني في الصف الثاني
              الثالث في الصف الثالث
              الثالث في الصف الرابع
              السابع في الصف الخامس
              الرابع في الصف السادس
              طبعا لا زال ملف المرحلة الابتدائية موجودا لدي بعد أن سعيت للحصول عليه عندما عدت للمدرسة معلما فيها وواصلت كذلك النجابة في المرحلة المتوسطة
              الأول في الأول متوسط
              الثالث في الثاني متوسط
              الثاني في الثالث متوسط

              التعليق


              • #8
                ( 7 )



                بدأ العشق يدخل حياتي في الصف الرابع / عشق من نوع آخر لا يروح فكركم بعيد ..
                كان يزاملنا طالب من أبو عريش اسمه ( عِزّي ) ـ الله يذكره بالخير ـ شاهدت بين يديه كتاباً ليس من كتب المواد الدراسية التي ندرسها .. شدتني ألوان هذا الكتاب ورسوماته المتنوعة وسألته عنه فقال لي : هذه مجلة ( ماجد ) يمكنك شراءها من السوق وقيمتها 3 ريالات , أعطاني النسخة والتهمت محتوياتها بسرعة فقد كنت أجيد القراءة والكتابة بصورة ممتازة في الصف الرابع وكانت مشوقةً لدرجةٍ لم أعهدها في كتب المدرسة المتعددة , وعندما عدت للبيت طلبت من أبي أن يشتري لي المجلة من السوق ووعدني بتنفيذ ذلك في اليوم التالي , وذهبت للمدرسة وأخبرت عزي بذلك فضحك علي وقال : سيشترى والدك نفس العدد الذي قرأته أمس , انتظر حتى يوم الأربعاء موعد نزول العدد الأسبوعي واشترِ العدد الجديد ..
                عندما عدت للمنزل كان في انتظاري تبريكات الوالدة وأخواني الصغار أن الوالد قد نفّذ طلبي وتم تسليم المجلة لي ولم تكن ماجد !!
                كان على غلافها صورة لسيدةٍ حاسرة الرأس تملأ وجهها الصبغات والألوان وكانت المجلة ثقيلةً وصفحاتها أكثر من صفحات مجلة ماجد التي قرأتها قبل يومين واسم ( ماجد ) غير موجودٍ على غلافها .
                تصفّحتها بسرعة ثم قلت لأبي : أنا لا أريد أي مجلة , المجلة التي أريد منك شراءها كل أربعاء اسمها ( ماجد ) .
                ومن تلك اللحظة كان أبي ـ أطال الله في عمره وشفاه ـ يشتري لي المجلة كل أسبوع و إلى وقتٍ قريبٍ وأنا أشتريها .
                بقيت حتى عام 1420 هـ تقريبا كنت أشتريها أسبوعياً وبعد ذاك العام خفّ اهتمامي السابق بها لكنني على كل حال أشتريها بين فترة وأخرى آخرها عدد الأربعاء الماضي لولدي نواف ( 13 سنة ) بعد أن أصبح سعرها 4 ريالات ثم 5 ريالات اليوم واشتري مجلة باسم ( السعودية ) لابنتي هنوف ( 7 سنوات ) محرضا لهما على القراءة الباكرة ويحب تقليبها حتى طفلي الأصغر مناف ( سنتين نصف )علما أني أقرأها كذلك ربما حنيناً للطفولة أو عشقاً لم أستطع إزالته وفي مكتبتي اليوم أعدادٌ حديثةٌ منها ومكتبة كبيرة لكتب الأطفال وكان لديّ أرشيفٌ ضخمٌ من الأعداد القديمة وزّعتها على تلاميذي في الصف الثاني والثالث في أعوام الماضية كنشاطٍ لا منهجي دافعي للقراءة.
                قصدت من كل ذلك أن أبيّن أنّ مجلة ماجد ( الامارات ) كانت السبب الأول لحبي للقراءة وزيادة رصيدي المعرفي والثقافي منذ وقت مبكر ودافعا للسؤال والبحث والتعلم وسببا في حبي لقراءة الصحف منذ الصف الخامس الابتدائي ودافع للعمل الصحافي فيما بعد .

                التعليق


                • #9
                  ( 8 )



                  بدأت موهبة جديدة تظهر لدي وأنا في الصف الخامس كان لمدرس التربية الفنية ( السوداني الجنسية ) الدور الأكبر في الاهتمام بها وإبرازها وصقلها وهي موهبة الرسم .
                  في بداية العام الدراسي طالبنا المدرس السوداني ـ
                  جزاه الله كل خير وأسعده أينما كان ـ أن يرسم كل تلميذ ما يحلو له دون تحديد موضوع أو فكرةٍ محددةٍ فخطر لي أن أُقسّم ورقة الرسم التي أرسم فيها لوحة شطرنج ( مربعات كثيرة العدد ) وبدأت أرسم في كل مربع صغيرٍ لوحةً خاصةً وفي نهاية الحصة استطعت أن أملأ ستة أو سبعة مربعات برسوماتٍ صغيرةٍ مختلفة ( منظر طبيعي ـ بيت ريفي ـ جبل ـ سيارة ـ نهر ـ جبل ) وكان المدرس يراقب خطواتي من بداية الحصة ويشجعني على الاستمرار وفي نهاية الحصة أمرني أن اهتمّ بهذه اللوحة وأن آخذ وقتي في إتمامها وفعلاً بقيت لمدة شهر ونصف الشهر وأنا متفرّغ لرسم تلك اللوحة خلال حصتي الفنية في الأسبوع بينما بقية التلاميذ يتلقّون توجيهاً جديداً كل أسبوع , وبعد تمام اللوحة أخذها الأستاذ وشارك بها في مسابقاتٍ على مستوى المنطقة ثمّ على مستوى المملكة ثمّ على مستوى العالم......
                  وأنا أدرس الصف السادس وصلت المدرسة شهادة تقديرية خاصّة بي ودرعٌ تكريمي لفوز اللوحة بمركزٍ متقدمٍ على مستوى المملكة , وأنا أدرس الصف الأول المتوسط في نفس المدرسة وصلت شهادة باللغة الصينية مضاف إليها بالعربي اسمي واسم المدرسة لفوز اللوحة بالمركز 32 على مستوى مدارس العالم وكانت جائزة هذا الفوز من إدارة المدرسة شنطةٌ وعلبة ألوانٍ أثارت امتعاض وسخط مدرس اللغة العربية ( المصري الجنسية ) الذي كان يطالب بتكريمٍ مادي ومعنوي يوازي الانجاز الكبير الذي حدث لكن لم يستمع إليه أحد ولا زلت أحفظ هذا الجميل إلى الآن .

                  التعليق


                  • #10
                    ( 9 )



                    تطورت موهبة الرسم لديّ بعد ذلك وتحديداً في المرحلة المتوسطة والثانوية والجامعية حيث كنت أرسم بشكل يومي في المرحلة المتوسطة وملأت الفصول التي أدرس داخلها وساحات المدرسة بالرسومات المتعددة والمتنوعة في كل مجال ولا زلت أذكر رسمة أخذت عنايتي واهتمامي في التوعية بأضرار التدخين حيث قمت برسم ريال بكل تفاصيله الصغيرة وتحته سيجاره تبدأ حرقه لا زال بعض زملاء تلك المرحلة يذكروني بها حتى الآن , ووصلت لرسم أساتذتي في المرحلة الثانوية والجامعية حيث لم تعد هناك حصص للفنية بالقلم الرصاص وهم يقومون بشرح الدروس حسب طلبات الزملاء بصورة مستمرة وأذكر أنني في المرحلة الجامعية كان يحاضرنا الدكتور عبد الكريم بكار ( المفكر السوري المعروف ) وكان في العادة يستقبل أسئلة الدارسين أثناء المحاضرة في قصاصات يكتبها الدارس ثم يمررها لمن أمامه حتى تصله ويقوم بتجميعها ثم يطلع عليها في نهاية المحاضرة ويجيب عليها , وجدت نفسي أقوم برسمه ثم سجّلت كلمةً قصيرة أعتذر منه عمّا فعلتُ وأرجو أن تبقى تلك تذكاراً لزمنٍ قادم وقمت بإرسالها مع الزملاء وأرقب الأيادي وهي تتناقلها حتى وصلت بين يديه قام بفتحها وهو يكمل محاضرته ثم تعفّر وجهه واحمرّ, توقف بُرهةً ثمّ وضعها في جيبه وأكمل المحاضرة وأنا متأكد أنه لا زال محتفظا بها حتى هذه اللحظة وأتمنى أن أقابله وأسأله عنها وأعرِّفه بنفسي وربما يحصل هذا في وقت قريب علما أنني ذكرته برسالة في صفحته بتويتر من شهرين ولم أتلق ردا منه إلى هذه اللحظة .
                    بعد تخرجي من الجامعة أهملت تلك الموهبة حيث أشغلتني ضغوط العمل والحياة عن الرسم ولم أعد أملك وقت الفراغ الكافي لممارسة الهواية فبدأت أفقدها شيئاً فشيئاً حتى وصلت للحضيض في الوقت الحالي .

                    التعليق


                    • #11
                      ( 10 )



                      في أواخر دراستي للمرحلة الابتدائية أصبح والدي ـ أطال الله عمره وشفاه ـ يمتلك مزرعةً وبدأ الاهتمام بها وكلفني وإخوتي الصغار بالعمل معه بعد الانتهاء من اليوم الدراسي وفي أيام الخميس والجمعة والإجازات الصيفية ونصف السنوية والأعياد .
                      كنت أعمل في سنٍ مبكرة في " الزراعة " من سقي للأراضي وقطف الخضروات وجزِّ القصب وتحميله وبدأ الوالد يعتمد عليّ في قيادة التراكتور " الحراثة " والعمل بها في المزرعة ثم امتدّ نشاطي بها خارج المزرعة لأهل القرية والقرى المجاورة حولنا بعد فترات نزول الأمطار وخصوصا في الصيف لدرجة أنني كنت أحرث الأراضي في أماكن بعيدة من بعد صلاة الفجر أيام الإجازات إلى حدود الثانية ليلا ثم يستلم أخي الذي يصغرني مباشرة العمل لليوم التالي لنفس المدة ثم استلم المهمة وهكذا على التوالي ..
                      تقريبا كان اللعب غير مصنّف في حياتي ـ رغماً عني ـ لسنوات طويلة خلال المرحلة المتوسطة والثانوية .. وأظنّ أن تلك المرحلة القاسية كوّنَت إنساناً قوياً نوعا ما رغم أنهم يطلقون عليها حاليا ( عمالة أطفال ) ويحاربونها إعلامياً لكنني أصدق القول : كانت أهمّ تجربة في حياتي .

                      التعليق


                      • #12
                        ( 11 )



                        أيضا من مراحل مبكرة في حياتي منذ كنت في الصف الثالث الابتدائي كنت أُعِينُ والدي كل خميس أثناء الدراسة وطوال أيام الأسبوع خلال الإجازات في تحميل الأغنام في معظم الأحيان وتحميل الأبقار في أحايين قليلة وتحميل الإبل قبل وبعد رمضان من كل عام والوقوف بها في أسواق جازان الشعبية المعروفة وأكثرها في سوق الخوبة كل خميس ..
                        طبعا .. كان والدي يشتري ناقةً بشكلٍ سنوي للحصول على سحوره في رمضان من حليبها ثم يبيعها بعد رمضان وكانت البقرة للحصول على حليبها ولبنها ( حقنتها ) طوال السنة .
                        صحيح كنت أُحرَمُ من النوم في يوم إجازتي الأسبوعية لسنواتٍ طويلة امتدّت حتى تخرجّت من المرحلة الثانوية علماً أني كنت وأهلي نتناول العشاء بعد صلاة المغرب طوال دراستي للمرحلة الابتدائية وننام بعد صلاة العشاء مباشرة لذا كنت قبيل صلاة الفجر موعد ذهابنا للسوق مستعدا ويبقى للعمل قيمته وأهميته ليس مثل أغلب أطفال اليوم المدللين المرفهين لأقصى درجة ..
                        في فترة لاحقة بدأ أخي ( م ) بعد أن كبُر قليلاً يشاركنا هذا العمل ثم شاركنا أخي الأصغر ( س ) في فترةٍ لاحقة وتحوّل الجهد والحمل على ثلاثة مما خفف عليّ وأصبح بإمكاني الحصول على إجازات وفترات راحة تتسع يوماً بعد آخر .

                        التعليق


                        • #13
                          ( 12 )



                          كان اسم المدرسة عندما دخلتها ( الشابطة ) وتغيّر عندما بدأت المتوسطة في نفس المدرسة لــ ( السادلية ) والسبب انه كان مخططا لها أن يكون مقرّها ( الشابطة ) لكنهم حسب الرواية المتداولة ـ ولست متيقنا من صحتها ـ واجهوا رفضا من رجال القرية وتبرّع شيخ ( السادلية ) بأرض في القرية المجاورة للشابطة وتم بناء المدرسة في قرية السادلية باسم الشابطة حتى تم تعديل الاسم فيما بعد .
                          في صيف 1406 هجرية بعد نجاحي من الصف السادس الابتدائي سجّلت برفقة قريبين لي في المركز الصيفي الأول وكان مقره في متوسطة عقبة بن نافع بأبي عريش وكان تسجيلي بدافع من قريبيّ في وقتٍ كان الانتقال من القرية لمقرّ المركز صعباً لعدم وجود وسيلة نقل خاصة لنا الثلاثة ولصغر أعمارنا ( كنت أصغر الثلاثة ) .
                          كانت تجربة جديدة ومهمة جدا في حياتي .
                          قروي صغير في السن بملابس رثّة متواضعة جدا وجيب لا يحمل إلا النزر اليسير من المال يختلط بشباب ورجال تظهر النعمة على هيئاتهم يركبون السيارات الخاصة بموديلاتها الأحدث .
                          كنت مشروعاً خاصا بالنسبة لهم والدليل أنني أخترت في نهاية الصيفية كأول اسم رُشِّح للتخييم لأسبوع كامل في عسير نفّذنا فيها مشروع عسكري صارم خرجت بعدها شخصا آخر غير الذي كان قبل بداية الصيفية .

                          التعليق


                          • #14
                            رائع جدا ياهامس

                            ذكريات جميله لقد هيجت مشاعري بسردك الممتع

                            اشكرك بقوة

                            لكن هل انت سواق الهيلكس وهل هذه احدى مهنك التي كنت تعمل بها ايام شبابك

                            التعليق


                            • #15
                              ( 13 )



                              كانت تجربة المركز الصيفي الأول في تلك السنة وفي ذاك السن تجربة من أهم التجارب في حياتي , جمعتني للأمانة بمجموعة كبيرة من الشباب والشيوخ كانت علاقة 99% منهم مع بعضهم البعض علاقة أخوّة ومحبة وصدق وإيثار لا زلت أحتفظ لجُلِّهم بالصورة الطيبة التي رُسِمت في البداية حتى هذه اللحظة .
                              تنوّعت برامج المركز بين ساعات لقراءة القرآن الكريم وتدارسه وتفسيره وأخرى لقراءة حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وتدارسه وأخرى لسيرته عليه السلام وأخرى لمواضيع من كل لون تناسب حياة الشاب المسلم ووصلت في بعضها للعميق كالحديث ـ مثلا ـ عن العادة السريّة وحكمها شرعيا وتأثيرها صحياً على الشاب وساعات لاستقبال الشيوخ من كل محافظات المنطقة بل ومن خارج المنطقة وأخرى للرحلات الخلوية المدروسة في وادي جازان وقنوات السد شمال أبوعريش وشاطئ مدينة جازان ..
                              تلقيت في تلك الفترة كماً كبيراً من المعرفة والتربية ـ إن صح التعبير ـ لم أحظ به في أي مكان آخر قبل ذلك " ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله "

                              التعليق

                              KJA_adsense_ad6

                              Collapse
                              جاري التنفيذ...
                              X